التنين الصيني الجامح.. قادم بقوة الصاروخ !!
خريطة النظام العالمي تتشكل من جديد لتدشن واقعا مختلفا وصورا ذهنية مغايرة لما اعتاده الناس. وبعيدا عن مشكلة الصاروخ الصيني الأخيرة، وتداعيات وباء كورونا، يبدو أن التنين الصيني قادم بكل قوة لمناطحة القدامي الكبار، علي كافة المستويات الإستراتيجية والسياسية والإقتصادية والعلمية، فكل المؤشرات تؤكد مساعيها لمرتبة الصدارة ومزاحمة الجميع وفرض بصمتها علي كافة صور الحياة.! فعلي المستوي السياسيي تغير الحال وخرجت تدريجيا من دنيا الأقزام، مدعومة بما حققته من إنجازات وقفزات إقتصادية، ولا تتواني عن إرسال تحذيراتها ورسائلها الدبلوماسية القوية التي تؤكد امتلاكها إرادة حرة ومتفردة، وتخاطب الولايات المتحدة والجميع بلغة جديدة وحادة ، مفعمة بالندية والكبرياء، فقد تحررت منذ التسعينيات من التبعية السياسية والدوران في فلك الغرب كما هو حال معظم الدول المتأخرة والناشئة والساعية للنمو. وعلي لسان وزير خارجيتها أعلنت مؤخرا رفضها لإسباغ وجه الحياة بالعالم بما تخطط له وترضيه أمريكا وذيولها.. وأثق أنها تستطيع أن تقول (لا)وفي أي وقت و(بالفم المليان)، فهي تمتلك قوت يومها وزيادة!!. أما إقتصاديا ، فاعتقد أنها وصلت بالفعل لمرتبة الصدارة،بعيدا عن المؤشرات المغرضة، فالميزان التجاري مع الولايات المتحدة يميل نحو بكين، فهي تدين أمريكا بما يزيد عن ثلاثة آلاف مليار دولار،وأعدت خططا محكمة للسيطرة علي أسواق دول العالم شرقا وغربا، وعلي مناطق إنتاج للمواد الخام ، فالسفن الصينية تنخر عباب البحر،وتجوب العالم شرقا وغربا ، تذهب محملة بكل المنتجات، وتعود بطانا بالمواد الخام لإعادة تصنيعها وتحقيق أرباح طائلة. كما نجحت الصين في توظيف الموارد والثروات الطبيعية والبشرية، لإحداث طفرات تنموية وثورات تصنيعية، وإنشاء مجتمعات منتجة ، تضم العديد من المشروعات والورش الصغيرة وتوفر عشرات الملايين بمختلف القري والمدن والمقاطعات ، تحت إدارة واعية من الدولة والمستثمرين الوطنيين لتحقيق مبتغيات وإستراتيجيات وأهداف سامية ، بما يشبه المعجزة. وقد وظفت محنة جائحة كوفيد ١٩، للسيطرة علي أسواق اللقاحات والأمصال ووعدت بانتاج مليارات الجرعات لتغطية ما يزيد عن ثلثي إحتياجات العالم. وعلي المستوي العلمي، فقد صنعت منجزات تكنولوجية متميزة ، وامتلكت حقوق إنتاج الماركات والعلامات التجارية الدولية، علاوة علي تقنيات البرمجة الدقيقة وغزو الفضاء، والأبحاث العلمية المتقدمة،لذا فلاغريب أن يتهمها العالم بأنها صنعت فيروس كورونا اللعين ، لحاجة في نفس يعقوب، لإعادة تشكيل خريطة العالم وتمتلك وحدها سر الخلاص الناجع، ولما لا فقد اختفي الكوفيد من الصين في ظروف غامضة، خرج ولم يعد، وظهرت سلالات متحورة وغريبة في دول الجوار كالهند وغيرها. أما عن الصاروخ الجامح ، فيأتي ضمن مشروع علمي كبير لاستكشاف الفضاء، واعتقد أن الصين تجيد توظيف الأزمات لصالحها وللفت الأنظار لإثبات تفوقها العلمي والحضاري. ويبدو أن بكين ستسهم بفاعلية في الصراع الأممي الإستراتيجي ، والذي انتقل تدريجيا من دنيا الأرض إلي عالم الفضاء الرحب! ورغم تأجيل إطلاق المحطة الفضائية الصينية بعد كارثة الصاروخ الجامح الأخيرة، وخروجه عن السيط أن شواهد الأحداث تؤكد أن الصين تواصل مساعيها للهيمنة ومناطحة الكبار فوق الأرض وفي الفضاء وفي استكشاف كوكب المريخ. ومنذ أيام هبط المسبار الصيني علي سطح كوكب المريخ، وبدأ في إرسال صور لصخور الكوكب الأحمر لتنضم الصين لدول الولايات المتحدة وروسيا والمحطة الفضائية الأوربية، والهند ،وعلي المستوي العربي الإمارات العربية المتحدة التي أطلقت العام الماضي يوليو 2020 مسبار الأمل في رحلة استكشافيه مدتها سنة مريخية (سنتين تقريبا من سنوات الأرض) ،ودخل المدار المستهدف في فبراير 2021.، لتنضم لأعضاء النادي الفضائي الدولي وتواصل نجاحاتها العلمية المشهودة . والسؤال الأهم ..هل ساهمت الصين بثقلها الإقتصادي والسياسي الضخم،وهذه الدول في إيجاد حلول عملية لمشكلات الدنيا والسيطرة علي الصراعات والأوبئة الأممية؟! وهل أفلحت في إقامة العدل وتحقيق الأمن والتنمية المستدامة لأهل الأرض قبل أن تنطلق للمريخ وتنفذ من أقطار السموات بالأرض بسلطان الفكر والعلم والحضارة ؟! وتبقي الصورة الذهنية المغلوطة لكل ما هو صيني يشوبها التضليل لدي دول العالم المتأخر ، والحقيقة أن الصين تصنع لكل بلد مايناسبها وفقا لدراسات جدوي دقيقة ، ووفقا لإحتياجات السوق مع الأخذ في الاعتبار الظروف الإقتصادية والظروف المادية للمجتمعات المستهدفه بمنطق (لكل فوله كيال). وقد تيقنت من هذه الحقيقة التي صنعت هذه الصورة التي تغيرت كثيرا خلال زيارتي للعاصمة الفرنسية باريس عام ٢٠٠٦، حيث رصدنا انتشار منتجات إلكترونية وسلع وملابس صينية تغطي كافة احتياحات السوق الفرنسي ، لكن طبقا للمواصفات الجودة العالية للإتحاد الأوربي. الصين تنطلق بقوة الصاروخ.. ولن تتوقف ولن يثنيها أحد عن تقديم كل ما هو جديد ومثير !!