اليمن " الحزين".. وسيناريوهات الخروج من المأزق السياسي
الأحد 4 سبتمبر, 2022كارثة إنسانية وسياسية يعيشها أهل اليمن " الذي كان سعيدا"بعد التراجع المتصاعد،علي كافة المحاور الحياتية اجتماعيا، وسياسيا واقتصاديا ،وحتي إشعار آخر،علاوة علي التأثيرات السلبية لكافة المتغيرات الدولية والإقليمية المتلاحقة.
ويبدو اليمن وفقا لخبراء وسياسيين أمام سيناريوهات عديدة، يمكن أن نشهدها الفترة القليلة المقبلة ، وإنطلاقا من قراءة لتطورات وتداعيات الأحداث، فجميع الأطراف على الساحة اليمنية تري مصر باعتبارها الشقيقة الكبرى ،الطرف المقبول لدى كافة الأحزاب والتشكيلات والقوى السياسية،وهو مؤهل تماما لأداء دور الوساطة الفاعلة بين فرقاء المشهد اليمني المتشابك.
ويقول المفكر والسياسي اليمني الدكتور طه الهمداني أن السيناريو الأول يتمثل في استمرار الوضع القائم مع تغيرات محدودة وغير مؤثرة، موضحا أن استمرار القتال والضغوط الميدانية وانتاج الحلول المؤقتة يعد السيناريو الأكثر ترجيحا في المشهد اليمني .
أما السيناريو الثاني فيتمثل في وقف الحرب بسبب تأثيرات المواجهات القائمة على حركة الملاحة ومصالح الدول ومردودها على الأمن الاقليمي والدولي، بالإضافة إلى تفاقم الوضع الانساني في البلاد ، فيما يبدو أن الحسم العسكري أمرا بعيد المنال لكافة الاطراف ويستنزف امكانات الجميع ، مما يدعو الأطراف المتصارعة إلى إعادة التفكير بالعودة إلى مائدة المفاوضات للاتفاق على خارطة طريق بدعم من المجتمع الدولي .
ونأتي للسيناريو الثالث وهو الأسوأ،ويتمثل في التقسيم في ظل عدم قدرة الاطراف المتصارعة والمجتمع الدولي على التوصل إلى حلول ترضي كافة الاطراف ، وتداخل الابعاد الاقليمية والدولية في الأزمة.
أما الدكتور عادل الأحمدي رئيس مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام فيرى أن السيناريو الأبرز، هو المسار السياسي المدعوم من الأشقاء في تحالف دعم الشرعية، بمواصلة دعم مجلس القيادة الرئاسي برئاسة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، وتقريب وجهات النظر بين مكونات الطيف اليمني الرافض لسيطرة المليشيات الحوثية المدعومة من إيران، وتنسيق الجهود بينها، وعلى ضوء ذلك، فإن المصير المحتوم هو الانتصار اليمني على المشروع الحوثي المعادي لليمن وللإقليم وذلك من خلال إلحاق هزيمة عسكرية كافية لإخضاع الحوثيين لمقتضيات السلام، تلك المتمثلة بدولة ضامنة لجميع اليمنيين، تعبر عن الشعب اليمني وانتمائه الوطني والعروبي وتحقق تطلعاته في السلام والبناء
في السلام والبناء .
وفي هذا السياق من الأهمية أن يتوازى الدعم السياسي من الأشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم مالي وعسكري سخي يقوي من جانب القيادة الشرعية، ويمكنها من إحداث إنجازات ملموسة في الجانب الاقتصادي داخل المناطق المحررة، كما يعينها على ترتيب الصفوف عسكريا باتجاه الضغط على المليشيا واستعادة المؤسسات في صنعاء عاصمة الدولة .
وأما السيناريو الأبعد في هذا السياق، فهو أن يرضخ الحوثي للسلام بدون أن يلتقّى هزيمة ميدانية كافية، وهو ما عززته سنوات من الأحداث في اليمن منذ صيف العام ٢٠٠٤ تاريخ أول تمرد حوثي وحتى اليوم
السيناريو الآخر، وفقا لرؤيته، هو اجترار وضع اللاحسم، ببقاء الوضع على ما هو عليه، بمعارك وهدن غير حاسمة، وهذا السيناريو يُسهم في مزيد من التعقيد كلما طال أمده، ذلك أن التطبيع مع الوضع الحالي يُبقي على معاناة اليمنيين ويؤدي لترسيخ بقاء الحوثيين كميليشيا طائفية تنفذ أجندة معادية لليمن وللإقليم، وأتصور أن هذا السيناريو لن يصمد ولن يحقق السلام بالتدريج، بقدر ما يطيل أمد الحرب، وفي كل الأحوال فأن كلفة أي تهاون مع استعادة الدولة اليمنية، ستكون أضعاف كلفة الحسم العسكري، ومن المهم الإشارة إلى أن التقدم الذي تحقق سياسياً بتشكيل مجلس القيادة السياسي، هو خطوة إيجابية يجب أن تتبعها خطوات حاسمة في اتجاه النصر خصوصا مع الترحيب الشعبي الواسع الذي لاقاه تشكيل المجلس.
ويشدد الاحمدي على ضرورة أن يدرك الجميع وفي مقدمتهم الحريصون على استقرار اليمن من الأشقاء والأصدقاء، أن الحل في اليمن أولاً وأخيراً يجب ألا يكون تخديرياً قائماً على الهدن والتطبيع مع الحرب والمليشيات المعادية لليمن وجيرانه، بل بدعم استعادة الدولة الوطنية اليمنية التي يعيش تحت ظلها الجميع وفقاً للدستور والقانون، وأنه بدون أن تحتكر الدولة وحدها أدوات القوة سيظل اليمن عليلا ، فالوقت يمر والمليلشيا تسابق الزمن من أجل طمس عقول النشء وإنتاج جيل معادٍ لهوية اليمن وعقيدته وأمته، وهو ما يستوجب الإسراع في إزالة هذا الخطر، مشير إلى إمكانية قيام ثورة شعبية عارمة في مناطق سيطرة المليشيات، بسبب تفاقم النقمة ضد الحوثيين وسياستهم العنصرية والإفقارية، ولكن هذا السيناريو مرتبط في الوقت الحالي بإحراز الشرعية تقدما على الأرض.
كما حدد الكاتب والسياسي اليمني الدكتور عادل الشجاع ثلاثة سيناريوهات متوقعة، أولها أن تستمر الإمارات والسعودية في دعم المجلس الانتقالي في القضاء على ماتبقى من جيش الشرعية واجتياح بقية المحافظات الجنوبية، وفي هذه الحالة ستذهب القوى الجنوبية المناوئة للانتقالي إلى إبرام اتفاق سري مع الحوثيين ومساعدتهم على اجتياح الجنوب والوصول إلى حضرموت والمهرة .
والسيناريو الثاني هو أن ينشغل المجلس الانتقالي في حرب طويلة في المحافظات الجنوبية، فيستغل الحوثي الفرصة للانقضاض على مأرب والاتفاق مع الانتقالي على مواجهة الإصلاح، فيستغل الحوثي الفرصة بعد ذلك للانقضاض على الانتقالي بمساعدة الجنوبيين المحسوبين على الهاشميين .
أما السيناريو الثالث فيتمثل في أن يقدم رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي على اتخاذ قرارات عسكرية وسياسية توحد الجيش والامن تحت قيادته، وكذلك تعيين دبلوماسيين يساعدونه على إقناع المجتمع الدولي في دعمه، وفي هذه الحالة سيدعو الحوثي إلى وقف الحرب سلاما أو حربا .
فيما يؤكد الكاتب والمفكر اليمني محمد الردمي أن الامم المتحدة تصر على تمديد الهدنة ويعتقد أنه سيبني على الهدنة خطة تفضي إلى سلام شامل، مشيرا إلى أن هذا المخطط يعتبر طريقا غير واضح ويتطلب وقتا طويلا.
وأضاف أنه بالنسبة للحوثيين فإنهم مستفيدون من الوضع الحالي رغم الخروقات التي يرتكبونها في هذه الهدنة، وهم متفرغون بشكل كبير في تعزيز قدراتهم القتالية والتحشيد للمقاتلين من مختلف الاعمار، بالاضافة إلى أن ميناء "الحديدة" تحت سيطرتهم وليس لديهم أي التزامات تجاه المواطنين في المناطق التي يسيطرون عليها.
ويري أن الحكومة اليمنية لديها خيارات محدودة ، ورغم انها ملتزمة بالاتفاقات الدولية، فان السيناريوهات مفتوحة على كل الاحتمالات .
وتوقع "الردمي" تفجر الأوضاع في عدة جبهات مثل جبهة " مأرب " وجبهة " تعز" خلال الفترة القادمة ، وهو الأمر الذي يجعل المشهد أكثر تعقيدا، مؤكدا أن التحالف العربي حريص على الالتزام بكافة الاتفاقات الدولية وتنفيذها على الارض، إلا أن الأمور مرهونة بالموقف الدولي والصراعات الاقليمية والاجندة الايرانية باعتبار أن ميليشيا الحوثي أحد أذرع ايران بالمنطقة .
ووفقا للكاتب الصحفي محمود الشناوي الخبير في الشئون الاقليمية ومدير تحرير وكالة أنباء الشرق الاوسط فإن التوصل إلى حلول تدعم استقرار اليمن، وتنقذ اليمنيين القابعين رهينة أسوأ أزمة إنسانية في العالم، يتوقف على توافر إرادة دولية حقيقية تعزز خيار السلام والاستقرار وتوقف نزيف الدماء، مشيرا إلى أن الدولة اليمنية منهارة ومحطمة بشكل كامل، كما أن بروز ثقافة الانفصال وتكريسها بشكل كبير ينذر بالكثير من العواقب بشأن إعادة توحيد اليمن، حتى لو وضعت الحرب أوزارها، على الرغم من أن المجلس الرئاسي الذي يرأسه الدكتور رشاد العليمي يضم ممثلين عن مختلف القوى الشمالية والجنوبية .
وأوضح الشناوي أن سيطرة الحوثيين تتزايد على شمال اليمن تحت سمع وبصر المجتمع الدولي، ناهيك عن الدعم غير المعلن من الإدارة الامريكية التي تراقب ببرود شديد أفظع أزمة إنسانية يشهدها العالم بسبب الحرب المستمرة في اليمن .
وأكد الشناوي أن الحل الدبلوماسي والتفاوض بين الأطراف المتصارعة،ويجب أن يأتي من داخل البيت العربي بجهود أطرافه الفاعلة وفي الطليعة مصر ،السعودية ،والإمارات.
أما سيناريو الحسم العسكري فهو مستبعد تماما بسبب عدم قدرة أي من الأطراف على الحسم، رغم تعدد المعارك التي شهدتها مختلف المناطق، ورغم محاولات الحوثيين توسيع نطاق نفوذهم والسيطرة على مناطق استراتيجية مثل مأرب وشبوه.
ونوه إلى أن سيناريو إنهاء الأزمة يمكن أن يكون مرجحا من خلال الضغط على الحوثيين، بسبب تعرض المصالح الدولية والاقليمية لمخاطر كبيرة بسبب إستمرار العمليات العسكرية وارتكاب الحوثيين الخروقات المستمرة، الأمر الذي يعيق كافة الأطراف عن استغلال الثروات اليمنية خاصة النفط الذي تؤكد تقارير استخباراتية ارتفاع الاحتياطي الذي يمتلكه اليمن منه، ناهيك عن مخاطر تمدد الإرهاب وإستعادة نشاطه بسبب استمرار حالة الانفلات في تلك المنطقة المهمة من العالم .