الصلح خير
كان الجو خانقا وحارا في ذلك اليوم من أيام شهر يوليو للعام الفان وعشرون وكان احمد عائدا للتو من مظاهرة ضد قانون التصالح على مخالفات المباني وقد أعرق جسده وبٌح صوته من الهتافات المناوئة للقانون وانه لا يجوز تطبيقه وانه يتوجب على الدولة ان تترك الغلبان ليعيش كان بمخيلة احمد تلك الصورة الشهيرة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي لسيدة مسنه يتحدث معها محضر الدولة بصوته الاجش يخبرها بانه قد تقرر هدم البيت لعدم صدور أي تراخيص له فضلا على انه قد تم انشائه على ارض ملكا للدولة،
كانت الصورة المتداولة تعكس دور الدولة متمثلة في شكل المحضر وكذلك تصور المواطن المطحون في شكل تلك المسنة،
كان /احمد سعيدا بمشاركته بهذه المظاهرة ضد الدولة التي أضحت ذو انياب لا تشبع من دم المسكين والفقير،
دخل بيته بعد ما أدى دوره بالمظاهرة كان راضيا كما كان جسده منهكا فحاول ان ينام فقسطا من الراحة مفيدا بعد مناهدة قوات الامن بالمظاهرة كان صوت التلفاز عاليا أقلقه ذلك نهض غاضبا ولكن استرعى انتباهه بيان هام للسيد/ رئيس الوزراء نظر تجاه التلفاز واتسعت عيناه دهشة كما لم تصدق أذنيه نص البيان الذي كان يٌعد تراجعا للدولة عن هذا القانون المعروف بقانون التصالح على مخالفات المباني طالما انه يغضب الشعب وعلى الشعب ان يتحمل مسئولياته الكاملة في ذلك الشأن مستقبلا،
رقص قلب احمد طربا فصوته المبحوح وعرقه المبذول بالمظاهرة لم يضيعا سدى فها قد انتصر للسيدة المسنه التي سوف تعيش امنه في منزلها،
الان ينام وهو مرتاح الضمير فقد كسر انياب الدولة فباتت بلا انياب تذبح بها المواطن المطحون مستقبلا،
بعد أسبوع يسمع احمد صوتا غريبا على سطح منزله كان المقاول صاحب العمارة وقد اعد العدة ليبني أدوارا أخرى ولما لا انه رزق ولا يوجد ما يمنعه فالدولة لم تعد تعطى التراخيص والمخالفات أهمية بعد الغاء الجزاءات عليها،
احمد يتفاهم مع المقاول بعصبية موضحا ان أساسات واعمدة المنزل لن تتحمل تلك الأدوار المخالفة،
رد المقاول بحدة ليست هذه ليست أدواراً مخالفة فلا يوجد الان قانون للتراخيص او التصالح واكد لك بان المنزل يتحمل فانا ذو خبره في ذلك الشأن فلا تقلق،
نزل احمد مسلما امره لله وعند باب عمارته كان فرشًا للخضروات والفاكهة انه محل الفاكهاني القابع بالدور الأرضي وقد احتل الرصيف وكذلك جزء من مدخل العمارة وبالكاد ترك حيزا لمدخل العمارة يكاد ان يحتك به جسد أحمد الضئيل أصلا،
احمد مخاطبا الفاكهاني عما هذه الفوضى، فأوضح له صاحب المحل بان الرزق يحب العرض على الزبون وما يمنع طالما الرصيف فارغا فانه لا ضرر من ذلك فهي فقط مجموعة من الاقفاص للعرض ولن تضر أحد،
توجه احمد الي سيارته محاولا تفادي أسراب الذباب التي حامت حول الاقفاص كأنها تحتفل بهذه الوليمة،
وعند السيارة كانت هناك احجارا وبراميلا وحبالا قد نصبت،
احمد مستفهما من السايس الذي قد قسم الشارع إلى باكيات لركن السيارات،
فأوضح له السايس انه يحفظ له الأماكن وهذا يتطلب زيادة لثمن الركن وحيث ان الدولة تراجعت عن قانون الجزاءات الخاص بأراضي الدولة فهو بذلك لا يخطئ انه فقط يتوسع وهذا ما امرنا به الله جل شأنه في ان نسعى إلى الرزق،
قاد احمد سيارته ساخطا فالشوارع مزدحمة بسبب المقاهي التي احتلت كراسيها منتصف الشارع وكذلك كافة المحال التجارية سارعت باحتلال ما يمكنها احتلاله فضلا عن اكوام الحجارة المتراصة بعناية من قبل السايس لركن السيارات بعرض الشارع ولما لا طالما ليس هناك من يردع.
جز /احمد على اسنانه وهو يقود سيارته وسط الزحام بعد ان شعر انه سبب غير مباشر لما يحدث الان،
ولكنه جفل فجاءة وانتبه كيف لهذه السيدة المسنة ان تبنى منزلا هذا مقداره على أراضي الدولة وطالما انها فقيره فمن اين لها بالمال وكيف لم ينتبه لذلك فمنزل مثل ذلك بلا ريب يحتاج للألاف من الجنيهات فضلا عن الالاف الأخرى اللازمة لشراء الأرض من مغتصبها الأصلي من الدولة،
شعر احمد بالغضب لأنه قد غرر به بتجييش عاطفته بهذه الصور المفبركة التي تظهر الدولة ممثله في محضر ضخم الجثة اجش الصوت فارغ المشاعر والمواطن في صورة سيدة مسنة،
فقد تحولت مصر إلى غابة كبيرة يغلب فيها القوى وينكسر فيها الضعيف وفيما كان يغلي من الداخل ويتصبب جسده العرق اصطدمت سيارته المريضة أصلا بقوة بأحد الأحجار التي قد رصها السايس اللعين،
فسقط احمد من فوق فراشه من الصدمة مفزوعا متحسسا جسده وسريره وناظرا بفزع إلى غرفة نومه انه كان حلما لا أكثر عله من اثار المظاهرة فلا بيان لرئيس الوزراء كما انه لم تتراجع الدولة عن قانونها المزعوم كان ذلك كابوسا لا يتمنى احمد حدوثه مستقبلا
لم تنتهي القصة بل للحكاية بقية.